حيثُ تنسجُ الأرواحُ خطوطها – ريناد الرشيدي

أشخاص:
بلدان:

ظلالٌ تلتقي في نقطة لا تُرى


‏ما الذي ينهبه عجز الاندماج مني ومنك، مننّا؟ تُنقب ذراعيّ عنك وكأنك جلدها، كأنك جلد هذا الجسد، هل سيسعفنا العناق لأتمكّن من الحدّ من معاناتي؟ أو الخروج منها، أو التمهيد لمعاناةٍ أسمى، وأبهى، وأكثر احتمالًا من التهديد بالانفصال، ومن التفكّك المحتمل بالذعر الوجودي. أحتاج أن أعرف على الأقل، النشيد اللانهائي في الاحتضار. سئمت النهائي، سئمت من الإيماءات النهائية، والنشيد النهائي قبل الموت. أتوق للتلاشي المحتمل لصمتي، الذي يتخذ شكلًا، وجهًا جديدًا في صمتك، بالاندماج؛ صمتٌ، وصمت، يساوي صدى أزلي. أنتَ صداي، ومجدُ صمتي.

في غربتي عنك، لا أعودُ لنفسي


‏باتَ كل شيء أعرفه يتقلّص أمامك، ويكبرُ ما لا أعرفه بداخلي بوجودك، ثم تسلخني المعرفة بغربتي عنك. أبني أيامي يومٌ يعقب الآخر على كلمةٌ منك، كلمة تُخرس مخاوفي وتجعل البرودة تهجر بدني. تُهدم الليالي على صوتٌ منك، صوت يهز عامودي الفقري ويجعل داخلي يتشقّق. صوت يُحيط صلواتي، وأقسى عزاء عهدته قبلك. في حضورك يندثرُ كل تمنّي سابق للخلاص من موجٍ يحملني، أحتملُ الطوفان؛ فيتقاسمُني المحيط والفضاء معًا، ولا تُعْرِض نفسي عن التبدّد.

هل يصبح الغياب حضورًا بلا جسد؟


‏أنتَ كنجمةٍ يحترق ضوؤها في الأفق، وأدرك كما يُدرك الليل مصيره؛ ستنزف طريقك إليَّ، ولو كان احتراقًا أخيرًا يلتهم كِلينا. تحت أنفاسِ الصباح الموعود، هل ستنوبُ عنكَ شمسي بالاحتراق، لتكون وحدك شاهدًا على لهيبها؟

‏وحين يجثمُ الليل على صدري، يلمسني من بعدك شيءٌ يشبهك، شيءٌ يجعل الغياب حضورًا، والفقد وجدانًا مشتعلاً بلا نار. وكُلَما احتدم ضوؤك في الأفق، يُضحّي كل ما ألمسه بي، تتحول يدي إلى رماد، وقلبي إلى حديقةٍ من حطامك، حيث لا يُزهر شيء بصلابةِ غيابك. يسقطُ الليل على صدري، وتسألني طيوفه: هل المسافة هذه هي غيابك، أم أنا التي أستعمرها باسمك؟ أتمدد فيها، أتفتت، ويلتهم غياب جسدك كل مساحةٍ كانت لي. كل نَفَس يمرّ بي يبدو وكأنه يحملك، لكنه يرحل قبل أن ألمسك، قبل أن تحلَّ علينا نعمةُ الاِندماج.


نصوص: ريناد الرشيدي

زر الذهاب إلى الأعلى