بيرسي بيش شيلي – إلى الريح الغربية

hourglass i 1973.jpgLarge بيرسي بيش شيلي - إلى الريح الغربية
Vasile Dobrian

 

 

أيتها الريح الغربية العاتية، يا زفرات كيان الخريف،

أنتِ يا من أمام حضرتك الخفية تندفع أوراق الشجر الميتة

كما تفرُّ الأشباح هرباً من ساحر،

صفراء وسوداء وشاحبة، وحمراء محمومة

جموعٌ قد ابتليت بالوباء: أنتِ

يا من تحملين البذورَ المجنّحَة إلى سريرِها

الشّتويِّ المظلم، حيث ترقد باردةً في الأسفل،

كلٌ منها أشبه بجثّةٍ داخل ضريحها، إلى أن

تنفخ شقيقتك اللازوردية التي تأتي مع الربيع

في بوقها على الأرض الغارقة في أحلامها، وتملاُ

(وهي تسوق البراعم الحلوة كالقطعان لتتغذى في الهواء)

السهولَ والتلالَ بألوانٍ وروائحَ تعجّ بالحياة:

أيتها الروح البرّية التي تتحرك في كل مكان؛

أيتها المدمرة والحافظة؛ إسمعي، أتوسل إليكِ، أنصتي!

2.

انت يا من على تَيّارِكِ، وسط هياج السماء الشاهقة،

تتبعثر الغيوم كما تتبعثر أوراق الشجر الذاوية على الأرض،

حين تُنْتَزَعُ من أغصان السماء والمحيط المتشابكة،

ملائكةُ المطر والبرق: هناك تتناثر

على السطح الأزرق لدفقك الهوائي

مثل الشعر اللامع الواقف فوق هامةِ

منيادةٍ* شرسة، من حافة الأفق

القاتمة إلى عنان السماء،

خصلاتٌ من العاصفة القادمة. انت يا أنشودةَ

العام الذي يحتضر، الذي ستكون ليلةَ الختام هذه

بالنسبة له قبةَ ضريحٍ كبير،

مغطاة ًبكل ما تستجمعين من جبروتِ

أبخرتِكِ التي من جوّها الصلب

سينفجر مطرٌ أسود ونارٌ ووابلٌ من البَرَد: أتوسل إليك أن تسمعي!

3.

أنتِ يا من أيقظتِ البحر الأبيض المتوسط ذا اللون الأزرق

من أحلامه الصيفية، حيث كان راقداً

يهدهده تكور جداوله البلورية،

بجوار جزيرة صخور بركانية نَخِرة في خليج بايا،

ورأى في منامه قصورأ وأبراجاً قديمة

ترتعش في يوم الموجةِ الأعظم توتُّراً،

وجميعها قد تطاولت عليها طحالبُ وزهورٌ زرقاء

حلوةٌ إلى حدّ يفوق الخيال! أنت

يا من في دربك تلقي قوى الأطلسي الملساء

بنفسها في هاويات سحيقة، بينما في الأعماق البعيدة

براعم البحر وغاباتة الطينية التي ترتدي

أوراق الشجر الخالية من العصارة في المحيط، تعرف

صوتَكِ، وفجأةً تكتسي بلون الرماد هلعاَ،

وترتعد وتسلب نفسها: أتوسل إليك، اسمعي!

4.

ليت أنّي ورقةُ شجرٍ ميتةٌ لعلك تحملينني؛

ليت أنّي سحابةٌ رشيقة لأطير معِك؛

موجةٌ تلهث تحت سطوتكِ، وتشارككِ

في إيفاع قوتك، لكن بِحُرّيةٍ أقلّ

منك، يا من لا تخضعين لسيطرة شيء، ليت أنّي

كما كنت في صِبايَ، أستطيع أن أكون

رفيق جولاتك عبر السماء،

وأيّامَها، حين لم يكن تجاوز سرعتكِ السماوية

يبدو امرأ بعيد المنال، ما كنت لأُجْهِدِ نفسي

معك كما الآن في دعائي وأنا في أمسّ الحاجة.

أوّاه! إرفعيني مثل موجةٍ، ورقةٍ، سحابة!

ها أنا أسقط على أشواك الحياة! أنْزِف!

ثمّة عِبءٌ ثقيلٌ من الساعات قيّدَ وحنى ظهرَ

امرئٍ هو أيضاً مثلك: عصيٌّ على الترويض، متعجّلٌ، ومعتدٌّ بنفسه.

5.

إجعليني قيثارتك، مثلما هي الغابة؛

ماذا لو أن أوراقي تتساقط مثل أوراقها!

فالصخب الذي تصدره إيقاعاتك الجبّارة

سيأخذ من كلينا نغماً خريفياً عميقاً،

حلواً على الرغم من الحزن. كوني أيتها الروح الشرسة،

روحي! كوني انت أنا، أيتها الجامحة!

طوفي بأفكاري الميتة حول الكون

كالأوراق الذاوية لتُعَجِّلي بميلاد جديد!

وبقوة تعويذة هذا القصيد،

بعثري – كما تبعثرين من موقدٍ منطفئ

رمادَهُ وشرَره – بعثري كلماتي بين بني البشر! كوني من خلال شفتيّ إلى الأرض التي لم تستيقظ

بوقَ النبوءةِ! أيتها الريح،

إذا حلّ الشتاء، فهل سيكون الربيع بعيداً؟

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى