هذه رسالتي إلى العالم
هذه رسالتي للعالم
الذي لم يكتبْ لي البتة،
هذه الأنباء البسيطة صرَّحتْ بها الطبيعة
مع جلالٍ متواضع.
سُلِّمتْ رسالةُ الطبيعة
إلى أيادٍ لا أراها.
لأن حبها، يا أبناء جلدتي اللطفاء،
يكوِّن حكماً عادلاً عني.
من الله نطلب منَّة واحدة
من الله نطلب منّة واحدة
وهي أن يسامحنا-
عمَّا فعلناه، فهو بالتأكيد يعرف:
فجريمتنا نخفيها عن الأعين.
نبقيها خلف الأسوار طوال حياتنا
داخل سجن سحري،
ونلقي باللائمة على السعادة
التي تتنافس مع الفردوس.
أنا لا أحد. من أنت؟
أنا لا أحد. من أنت؟
وهل أنت لا أحد، أيضاً؟
إذن نحن اثنان لا أحد.
لا تخبر أحداً – فهم سيطردوننا، كما تعلم.
ياللكآبة، أن تكون شخصاً ما،
كم هو مبتذل – مثل ضفدع-
أن تجهر باسمك طوال شهر حزيران.
وسط مستنقع يرحب بك
تختار الروح رفقتها الخاصة.
تختار الروح رفقتها الخاصة
ثم تبادر بإغلاق الباب.
وأمام جلالها المقدس
لا يقترب آخرون.
بدون تأثر ترقب مرور العربات
أمام بوابتها البسيطة؛
بدون رعشة ترقب امبراطوراً يركع
فوق حصيرها.
لقد عرفتُها من بين حشدٍ وفيرٍ
وقد اختارت واحداً،
ثم أغلقت مصاريع وجودها
مثل الحجر.
شعرت بمرور جنازة في خلدي
شعرت بمرور جنازة في خلدي
والمشيعون يهرولون جيئة وذهاباً
يخبطون بأقدامهم، على الدوام، حتى بدا
وكأن العقل يكاد ينفجر.
وعندما جلسوا جميعاً،
بدأت الشعائر كالطبل
تدوي قدماً، تدق، حتى ظننتُ
أن خدراً ينسال في دماغي
ثم سمعتهم يرفعون صندوقاً
ويصل الصرير إلى أعماق روحي
مع أحذية الرصاص تلك من جديد،
ثم بدأ الفضاء يمتلئ بالناقوس يُقرع
والسموات كلها كانت كالجرس،
والوجود ليس سوى أذنٍ صاغية،
وأنا والصمت في سباق غريب
حطمنا الوحدة هنا.
ثم هوَتْ قطعة خشب معقولة
وهبطتُ أسفل وأسفل
وارتطمتُ بعالمٍ لدى كل غور
وفقدتُ الإحساس حينئذٍ.
على الجراحين أن يكونوا في غاية الحرص
على الجراحين أن يكونوا في غاية الحرص
عندما يمسكون بالسكين.
فتحت الجراح الدقيقة التي يحدثونها
تتحرك المتهمة بالجرم، الحياة.
الإيمان اختراع جميل
الإيمان اختراع جميل
عندما يستطيع أصحاب المروءة أن يلحظوه.
ولكن آلات التكبير حذرة
في حالات الطوارئ
أقدام جديدة داخل حديقتي تمرُّ
أقدام جديدة داخل حديقتي تمرُّ
أصابع جديدة تحرك سطح التربة.
شاعر متجول فوق شجر الدردار.
يهتك أسرار العزلة.
أطفال جدد يلعبون فوق المساحات الخضراء-
أطفال جدد متعبون ينامون في الأسفل،
ومايزال الربيع الكئيب يرجع،
ومايزال الثلج المحافظ على مواعيده يعود.
الأمل شيء ذو ريش
الأمل شيء ذو ريش
يقبع ضمن الروح
ويعزف اللحن بدون كلمات
ولا يتوقف أبداً.
وأجمل مافي العاصفة يُسمع،
ولابد أن الإعصار صعب
قادرٌ على إرباك الطائر الصغير
الذي بقي دافئاً مرات عديدة.
لقد سمعته في الأراضي شديدة الصقيع
وفوق البحر الأكثر غرابة،
ومع أنه كان في ضيق شديد
لم يطلب مني كسرة خبز أبداً.
المسافة التي قطعها الموتى
المسافة التي قطعها الموتى
لا تظهر في البداية؛
عودتهم تبدو ممكنة
لسنوات مشرقة عديدة.
وبعد أن نتبعهم
تزداد شكوكنا،
بأننا أصبحنا جد حميمين
مع استعادة الأحداث الماضية العزيزة الخاصة بهم.
لقد متُّ من أجل الجمال
لقد متُّ من أجل الجمال، ولكن حالما
وضعت في القبر
استلقى من كان قد مات من أجل الحقيقة
في حجرة مجاورة.
سأل برقةٍ لماذا فارقتُ الحياة،
“من أجل الجمال” أجبتُ،
“وأنا من أجل الحقيقة. كلاهما واحد.
نحن إخوة”. قال.
وهكذا، مثلما يلتقي الأقارب ليلاً،
تبادلنا الحديث عبر الحجرات،
حتى وصل الطُحلبُ شفتينا
وغطى اسمينا.
النجاح يُعتبر الأكثر عذوبة
النجاح يُعتبر الأكثر عذوبة
لأولئك الذين لم ينجحوا
ولكي نستسيغ الرحيق
لابد من مرارة شديدة.
لا أحد من ذلك الجيش الأرجواني
ممن ربحوا الراية اليوم
يعرف هذا التعريف
الواضح جداً للنصر،
فهو الذي هُزم، وهو يلفظ أنفاسه،
وإلى أذنيه المحرومتين
تتناهى نغماتُ الانتصار البعيدة،
وقد امتلأت بالعذاب وواضحة.
لأنني لم أستطع التوقف للموت.
لأنني لم أستطع التوقف للموت
توقف هو بلطف من أجلي؛
ولم تحمل العربة سوانا
ومعنا الخلود.
قدنا العربة ببطء، فالموت لا يعرف العجلة.
وأنا قد ادخرت
جهدي، وراحتي على حد سواء
لدماثة خلقه
عبرنا المدرسة حيث الأطفال يلعبون
في حلبة صراع ضمن دائرة،
عبرنا حقول القمح البرّاق،
ومررنا بالشمس وهي تغيب.
توقفنا أمام بيت بدا
كانتفاخ فوق الأرض،
والسقف بالكاد يُرى،
والحلية المعمارية ليست سوى متراس،
مضت قرون منذ ذلك الحين، ولكننا
كلانا بشعر وكأنها أقل من نهار
عندما ظننت أن رؤوس الخيل أولاً
قد اتجهت نحو الأبدية.
الحب يفعل كلِّ شيء ماعدا إحياء الموتى
الحب يفعل كلِّ شيء ماعدا إحياء الموتى؛
وأشكُ إن كان حتى هؤلاء
قد احتجبوا من مثل هذا العملاق.
واكتسوا لحماً.
ولكن الحُبَّ متعبٌ ويجب أن ينام،
وجائع ينبغي أن يُغذَّى،
وهكذا يُغري الأسطول البرَّاق.
حتى يغيب عن النظر.
ما أسعد الحجر الصغير
ما أسعد الحجر الصغير
الذي يهيم في الطريق وحيداً،
ولا يهتمُ بمهن البشر وطرق المعيشة،
ولا يخشى مطالب الحياة؛
وغطاؤه الطبيعي بُنيٌ وهبته العناصر
من كون يمر بالقرب؛
ومستقلٌ مثلما هي الشمسُ،
تتحد مع غيرها أو تشرق وحدها
تنجزُ دستورها المطلق
ببساطة لا مبالية.
أيُّ فندق هذا
أيُّ فندق هذا
حيث لقضاء الليل
يأتي مسافر غريب؟
من هو صاحب النزل؟
وأين الخادمات؟
فلتنظر، يالها من غرفٍ عجيبة!
لا نيران ضاربة إلى الحمرة في المواقد،
ولا أباريق فضية مترعة تفيض.
أيها الساحر، أيها المالك،
من هؤلاء في الأسفل؟
نصوص: اميلي ديكنسون
ترجمة: فاروق هاشم
الإعلامية المميزة هلا ميراز قدمت هذه الحلقة الرائعة عن الشاعرة الأمريكية إيميلي ديكنسون