كتب لم تُفتح من سنين
في الحقيقة لم يقرأها أحد
حتّى الذين نسخوها خافوا من ان يفعلوا
قالوا إنّهم ينقلون أسراراً لا تجوز معرفتها
و لا طاقة على فهمها
الذين كتبوها خافوا منها
ورموها على قارعة الطريق
توجّسوا من ان تخنقهم في نومهم
لم يعرفوا كيف تصوّرت على الرقّ
مَن وضعها على الريشة
ومَن حرّك بها أصابعهم
رصفوها خلف الزجاج
وأغلقوا عليها
قالوا الكلام يحيا مع الوقت
وعلينا أن ننتظر أجيالاً
بمجرّد فتحه سيبصق روحه
وتشتعل النار في أطراف البيت
لكنّ أحداً لا يعلم كم تحاول الكتب فتح نفسها
ولا تجد أمامها
سوى الغبار لتمضغه
كم هي الأخرى أميّة
ولا تقرأ ما في داخلها
أميّة وعمياء ومقعدة
ولا تقدر على الحركة
يخطئ من يظنّ
انّ المجلدّات الكبيرة
تمضي وقتها
في العاب ذهنيّة
او أنّها مع الأيّام
تزداد فهماً لما تحويه
انّها في نهايات الأزمنة
تغدو واضحة ومفسّرة
في نهايات الأزمنة
لن يبقى شيء منها
سيغدو الفراغ في وسطها
سيكون ايضاً سقفها
ستعلو وتطول
لكنّها لن تحكم العالم
سيبقى لها سحرها
بكلمة
تحوّل بوتوغاز المطبخ الى مكتبة
لكنّها لا تستطيع
أن تبعد عنها
العناكب السّامّة
وتستمرّ، مع ذلك، في اكل الذباب
مع العمر تبيضّ اعينها
وتعضّ اكثر على اضراسها
تنتأ ويغدو لها حجم
وتروح الكلمات تأكل بعضها
ما يتبقّى لن يكون قليلاً ويشكّل بنفسه كتباً
قصيرة بل قزمة
علب مصفوفه كأحكام
وربّما كلعنات، ربّما كأسماء امراض قاتلة
يحدث ان نستيقظ
فنجد المجلّدات مقطوعة نصفين
او نجدها كوماً من نشارة خشبيّة
سحبوا خيطانها وفرموها
بدون حنكة
لن يبقى فيها اسرار اكثر من ورقة خريف
لن يسقط منها مخطّط للعالم
انّها تفور بنمال ترسم دوائر كاملة حولها
لقد فتحت نفسها
ابتلعت دفعة واحدة
الفراغ و الذياب
لم يبق أمامها ما تأكله
سوى الجذور التي تجدها مخلوطة بالتراب
ربّما هكذا لن تنقل ألينا امراضاً
ولن تخنقنا في نومنا
■■♧■■
عباس بيضون، شاعر لبناني ( 1945 )