ما لم يمكننا مجاوزته ولا مجاورته،
ولا مآلفته ولا مآنسته،
ما أطلنا الوقوف على أطلاله
وأتلفنا أوراقه وأزهاره.
ما قطّعنا الأيادي لحسن أوصافه.
ما بكينا ملء المحاجر على فراقه.
ما تَرَكنا في العراء نرتجف،
ومن آوانا بعد طول ضلالنا.
من خِفنا حبه ومحبته وقربه وتقربه،
من خشينا طبعه أن يكون تطبعه.
من أفقنا على فاجعة فراقه،
من نمنا على همّ بقاءه،
من أبكانا حين داوانا.
من أيقن أننا وحيدون تائهون حيارى،
وتلقفنا صغارًا لا حول لنا ولا قوة،
ثم كسرنا بعد الجبرة ونفانا بعد الألفة.
من لم نقدر على مجاراته،
ولا مجاورته، ولا -بعد عشرين عاما- من مجاوزته.
ذلك الوحش الرهيب أسفل المخدات والأسرّة،
ذلك المغص المرعب،
الحِمل القاتل في السريرة.
ذلك الخوف الرهيب من الذهاب للمدرسة،
ذاك الظلام المتشكل على هيئة قطة مفترسة،
كلها لا تزال تلاحقني،
وأحيانا تسامرني، أو تغلبني،
كلها تصمني بالتعاسة،
كلها تدعى طفولة.