اخرج وخذ الباب بوجهك – أحمد قطليش

هناكٌ بابٌ في وجهه، سيصيرُ بيتًا

تقولُ العائلةُ للغاضبِ:

اخرج..

اخرج وخذ الباب بوجهك!


أخذَ البابَ بوجههِ ولم يعد،

أخذه بقفلٍ دون مفاتيح،

وبقبضةٍ مخلوعة.

لم يفتح وجهَهُ لأحد

فكانوا يكتبونَ عليه

ما يكتبُهُ التلاميذُ في حمّامات المدارس،

ما يكتبُهُ السُّكارى على أبوابِ الحانات.

حجزَه عن الكلام، وعن أسئلةِ قاعاتِ الانتظار واللقاءات الأولى.
حجزَه عن البرد،

لكنه كان يحترقُ في الشمس.

لم يبالِ، كان يمجُّ نارَ الحريقِ كسيجارةٍ،

يُراكمُ الدخانَ ولا يستطيعُ زفيره.

كانَ على رئتِهِ أن تختنق.

لكنه، قُبيلَ أن يوصِدَ عليها؛

كانَ جوفُه قد امتلأ بصراخِ العائلة،

وظلَّ الصوتُ في الداخلِ

يسلي وحشته.

لم يأبه أحدٌ قبلًا بوجهه القبيح.

الآن، إذا ما أحبَّ امرأةً

فالبابُ حليفُهُ،

والنساءُ يحببنَ الأبوابَ ويخفنَ فتحها.

أن يحبَّ امرأةً، وأن تُحبَّهُ امرأةٌ

وبينهما بابٌ موصدُ.

هذا كفايتُه من الآخرين.

قريبًا سيموت، بعدَ أن يجوّفَ الدخانُ جذعَهُ،

ويصيرُ صلصالاً.

ولأنَّ هناك بابًا بوجهه،

سيصيرُ بيتًا،

بيتًا موصدًا يحفظُ صوتَ العائلة.

ــــــــــــــــــــــ

نص وصوت: أحمد قطليش، شاعر وكاتب سوري مقيم في ألمانيا، مؤسس مشروع تكلام للأدب المسموع.

هندسة صوتية: محمود أبو غلوة

زر الذهاب إلى الأعلى