كانت الحياة حلوة حتى انتبه الإنسان إلى عجزه عن الطيران. كلما حام طائرٌ في الهواء أخذ يقفز خلفه فلم يعرف من الطيران غير السقوط. كانت ساقاه تهوي إلى الأرض كلما رفعها، وللأمانة فقد كانت أكثر نفعاً على الأرض. تقفُ وتمشي وتعدو وتركب الحصان والنخلة والجبل.
كلما غردت العصافير أو نعبت الغربان ظنّ الإنسان أنها تسخر من ساقيه العاجزتين وكتفيه المشعرتين بلا أجنحة فعاد تعيساً رغم كونه يعيش تلك الأيام أزهى عصوره الغرامية حتى بلغت السعادة بالرجل أن يتوقف عن اختلاس النظر إلى مؤخرة جارته كلما سنحت الفرصة. بل لقد كانت قدم المرأة على قدم زوجها حرفياً لأنه كان يحمل نهديها أينما ذهبت. لم تُعرف في ذلك الزمن الجميل حمالات الصدر حتى جُنَّ أحد الحمقى واخترع جناحاً أسماهُ ” بندقية “. لم تساعده على الطيران بالطبع لكنها أوقفت الطيور عند حدّها.
انشغل الرجل بجناحه المشؤوم وترك نهدي زوجته يرعيان في الهواء الطلق حتى استثارا شهامة رجلٍ أرمل بادر إلى حملِهما براحتيه. مرّ الزوج ببندقيته فراعهُ ما رأى وأطلق النار في الحال على راحتي الأرمل فتناثرت أصابعه على الرمل.
فقد الرجال عقولهم واخترعوا مزيداً من الأسلحة متنصلين من حمل الأثداء باستثناء رجلٍ وحيد حاول عبثاً إصلاح العالم فاخترع حمالات الصدر تكريماً لذكرى أصابع جدّه الأرمل.
*نص: عبدالله ناصر