الكلُّ يبحثُ عن الطريق.. حتّى الهواء – حسين بهيش

الطريق إلى

في بداية المجهول
كان الطريق يرتجفُ مثل شجرةٍ مَائلة
والغابة تَطوي نفسها
مثلَ برقيَّةٍ للباحثين عن شيءٍ يُؤكل
كان الدليلُ غيمةً والرداءُ قمراً من صوف
والحلمُ توتاً بريّاً
اشتدتِ الريحُ الباردة وصار حفيف الشجر مخيفاً
لمحنا قطرة ضوءٍ من الكوخ المطلِّ على النهر
سماءُ الشمال غافيةٌ في حُضنِ العشب اللامع.
تركضُ غزالةٌ،
يبكي طائرٌ،
سربٌ راقص من الفراشات.
الكلُّ يبحث عن الطريق حتَّى الهواء.


الظهيرة في آب

الصيفُ العنيدُ لا يدفّئ روحي الباردة
إنَّما يُلوّث جو العناق
يضيّق عبورَ اللهفة
فيخرجُ من فمِ الحسرةِ أنينُ قُبَلٍ
تمشين أمامي بثوبكِ القَصير الضَّاجِ بالفِتنة
تقفين أمام المرآة
ثمَ تُمشّطين روحي على كتفيكِ
روحي التي هربتْ من جَسدي ليديكِ…
مثلَ تحيَّةٍ عابرة.

لأنَّ الصيفَ عنيدٌ وطويل
أريدُ امرأةً مخلوقةً من جميع الفصول

ليلعبَ بنا الخيال كما يشاء…

إلى أن تَمرّ غيمة تشبهُ زَندكِ
أُلوّحُ لها كمن ضاعَ في حُضنِ نهر
شَمَّ شَعركِ ولم يعد
فصار موهوب ضياعٍ،
موهوب غرقٍ.


*نص: حسين بهيش

زر الذهاب إلى الأعلى