الرائحة تُذكر – أمجد ناصر

الرائحةُ تعودُ لتُذكِّر
الرائحةُ ذاتُها
في المتروكِ والمَأهولِ
بالطيف والهالةِ.

الرائحةُ تُذكِّرُ بأعطياتٍ لم يُرسلها أحد
بأسرَّةٍ في غُرف الضحى
بثيابٍ مَخذولةٍ على المَشاجبِ
بأشعةٍ تَنكسِرُ على العضلات
بهباءٍ يَتَساقطُ على المعاصم
بأنفاسٍ تُجرِّبُ مَسالكَ جَديدة إلى مُرتَفعِ الهَواء
بمياهِ الأَصلابِ مَسفوحةً على الدانتيلا
بالترائبِ
بأكباشٍ يَهيجُها البول
بروَّاد فضاءٍ تَخطُفُهم سِحنةُ القمرِ
بالصنوبريِّ
بالليلكيِّ
بالمشرئبِّ
بأمطارٍ على أسطحٍ من طين
بحنطة مركوزةٍ في الحَظائرِ
الرائحةُ تُذكِّرُ بالأعشَاش
بالنزِّ
بالغيبوبةِ
بالمُستدير
بذي الحافة.

الرائحةُ،
الرائحةُ ذاتُها التي تُهاجم في أمسياتٍ
مُعلقةٍ بقنب الهَذَيان.

دعي مُتربِّصَ الشُّقوقِ
يَشهد صَحوةَ الفراشةِ،
الرائحةُ
تصعدُ
إلى
الخياشيم،
اليعسوبُ
يطيرُ
بين الأعمدة
ويهوي
على العَتَبة.

قرِّبيه
صائدَ الضَّعفِ
من رقائق الذَّهب،
قرِّبيه
من الزَّغَبِ الطالعِ على المرمر
من طعنةِ الآسِ
من تويجِ زهرةِ الإغماءِ
من الذي يعيدُ الفمَ إلى طفولته
ويُطلقُ اللِّسانَ حيَّةٍ تَسعى.

الرائحةُ تَبقي
على راحةِ اليدِ
في الأنف والشفتينِ
في ثَلمِ الصَّدرِ
على الشَّراشفِ
في الهواءِ المُكابرِ
الرائحةُ
الرائحةُ
ذاتُها.

يا لأحكامِ النَّهار إذ تبدأُ القهقرى
والمواضعات إذ تسَّاقطُ تباعاً
والرغبات إذ تُطلق فُهودَ الكتفينِ
لتجوسَ مفازَةَ الهجران.




*نص: أمجد ناصر

زر الذهاب إلى الأعلى