أنا من قريةٍ بعيدةٍ …
كلَّما يموتُ واحدٌ فيها, تختفي كلمةٌ من أحاديثها للأبد
في البداية , اختفتْ الكلماتُ الجيدةُ …
مرَّةً .. ماتتْ طفلةٌ من الجفاف : فاختفتْ كلمةُ نهر
ولمَّا ماتتْ أمها من الحسرةِ عليها : اختفتْ كلمةُ مطر
ومرَّةً ماتَ نازحٌ من البرد : فاختفتْ كلمة ُ نار
ومرَّةً ماتَ صغيرٌ من الجوع : فاختفتْ كلمةُ طعام
وماتَ شيخٌ كبيرٌ في وحدتِهِ : واختفتْ كلمةُ عائلة …
آخرُ كلمةٍ جيدةٍ بقيتْ عندنا كانت : الله
لكنها اختفتْ عندما سقَطَ أحدُ الأطفالِ في الشارع
جنازةٌ بعد أخرى : حتى اختفتْ الكلماتُ الجيدةُ كلَّها
وصِرنا نستخدمُ طرقاً معقَّدةً للكلام ..
سمعتُ أحدهم يصرخ : يا الطفل الذي ماتَ في الانفجار .. وكان يقصدُ : يا الله
ورأيتُهمْ في الدكاكين : يطلبون من الباعة صغيراً ماتَ من الجوع …
ويفهم الباعةُ أنهم يريدون طعاماً
وفي ليالي الشتاء نقولُ النازح الذي مات من البرد بدلَ مفردةِ نار
وهكذا …
لا يوجد في القرية الآن سوى الكلماتُ الرديئةُ والناس الذين لم يموتوا بعد
أنا ما زلتُ أعيشُ هناك
وكلُّ يومٍ أحاولُ النجاة : ككلمةٍ جيدة
من ديوان: كلمات رديئة لميثم راضي. قريبًا التسجيل للديوان كاملًا.