ولدتِ بهذا الاسم لتكون لكِ ذكرى
تُردِّدُها أمطارٌ
طويلةٌ
صامتة.
بهذا الاسم ليأتي إليكِ عابرونَ
سيماهم من ليلكٍ على وجوههم
مستوحشينَ
خاسرين.
نعودُ إلى يديكِ لنروي اطلاعهُما على الحُطام
وغلبتهُما على الحبِّ
الذي تلمسينَ جُرحه فينِدُّ
جرحُ
الحبِّ
الطويل
بظلالٍ
خضراءَ
من
فرط
الندم.
لتتلطف الأكُفُّ وهي تدفعُنا بين الأعمدة
قانطينَ من الوصول إلى الثمرةِ المُضاءةِ
بوهجِ الأعماق.
أعينُنا بيضاءُ من الفرح
كأنَّنا عُميٌّ نراكِ بالرائحة
ونتقرَّاكِ بالأنفاس.
امرأتنا كلُّنا
فشلنا في معرفةِ الأثير
وعندما رفعتِ يدكِ
مَددنا أيدينا
ولم تكن هناك مرآة
مسَّنا هواؤكِ فجرَّحنا
طلعنا عليكِ من كلِّ فجٍّ
ولم ننفرد.
…………………
مائدتُنا
زيتُنا
خبزُنا
والملحُ
بين الأشجار شممناكِ
ركضنا وراء الرائحةِ
فأوصلتنا إلى ثيابكِ
مرَّغنا وجُوهَنا
واستنشقنا بالمجامع.
كنتِ هناك
ولم نركِ
عرفناكِ من العبير والكأسِ
التي سيأخذُها الساقي عمَّا قليل
جاهلاً ما لامس.
نتحسَّسُ آثاركِ على الطاولة
ونتلعَّقُ ريقَكِ على حوافِّ الكأسِ
بجهلٍ رُفِعتْ
وبحسَدٍ مَسَحتْ عذراءُ
ظلالَ أصابعكِ على الخشب.
بيننا في النَّهار
الضوءُ يرفعُنا درجاتٍ
ويردُّنا إلى شؤوننا قوَّامين،
لنا وزنُنا في الأروقةِ والمراسلاتِ،
هيبتُنا محفوظةٌ
في المجالسِ،
مرتفعون في لغاتنا
نتكلَّمُ، فيُصغي إلينا فقهاءُ العهدِ
بثيابهم الحامضةِ من أثر السّهر،
مِثلَنا،
يسحبُهم النهارُ مُدنفينَ
من شبكِ الكيد.
سُرَّ من رآكِ
من وضع يداً على صابونةِ الرُّكبة
من غطَّ أصبعاً في السُّرَّة
واشتمَّ سرَّاً،
سُرَّ من أسدلَ مرفقاً
على ضمورِ الأيطلِ
من شارفَ النبعَ وشاف.
ذو الغُّرَّةِ
يتصوَّحُ برائحةِ أسدٍ نائمٍ
مهيأ للأخذ
ممتنعٍ ومزدَجر.
امرأتُنا كُلُّنا
كثيرةٌ في النَّهار
وواحدةٌ في شُفافة الليل
تضحكين فنعيا
تعلّقينَ مصائرَنا على الأهداب
فتسقُطُ من رعداتِ ما شُبِّهَ لنا
بالحُمَّاء
يعقُبها السَبي.
نراكِ على حافَّة السرير
وأنت ترتدينَ جوربيكِ الأسودين
شعرُكِ يزخُّ
وظهرُكِ العاري يوجُّ
فنغشى
سُكارى
وما نحن.
أرينا وجهكِ لنَجُملَ في المرايا
ونرقى بالسعف
لنُحسنَ الظنَّ بالأعضاء
حين تُستدعى إلى العمل،
لنطمئن.
نحوزُكِ ونفقدُكِ
نحوشكِ من الجهاتِ
بالأغصانِ والرَماح
فتمكرينَ
يَدُكِ فوق أيدينا.
امرأُتُنا
وليس بيننا أثيرٌ سوى الرُقادِ
اجعلينا صورةَ مما رأيتِ
جمِّلينا بالأسلحةِ
اصطفينا من الجمعِ
لنقوى.
لا تُشبه هذه المنامةُ دُجى أعينِنَا
لا يُشبه تنفُسكِ في المنام
صعودَنا إلى المضاجع مقرورينَ.
ها إنَّنا نجلو غموضَ الفمِ
ونُعطي معاني شتَّى لإطباقة الشفتين
نشُمّهما
نُقبِّلهما
نغسلهُما بالرِّضابِ
لنوقظَ النحلةَ
ونلثُمَ القمر
نصقُلُ صَدعهُ
ونلمسَ الخاتمَ القريبَ من العشبِ
غامضاَ لم ينكشف لعينٍ
احتلمنا بهِ في أحضان نسائنا
فدفقت سخونةٌ في القطنِ
المُلاءاتُ تبقّعت بجوز الهند.
أميراكِ الباسلان
…(تأهلا في بلاط الجلالة لزمردةِ التاج)
مغمورانِ بفتوحات الذهب
متحرران من طاعة الوصيِّ
ومن غَيرَةِ الوصفاءِ
يعبُرانِ سياجَ الوحشِ
فيضيئان ظلمةَ قلبهِ
سُرَّ من رآهما
مٌدملجين
مثمرٌ أعلاهما،
سُرَّ من قرَّباه،
ولثمَ غُبارَ الطلعِ.
ولدتِ بهاتينِ العينينِ لتُبصري غيرنا
متكئينَ يدنو لهم حفيفٌ
وتنفلقُ ثمراتٌ
غُرباء بينهم، نرتقي أدراجاً
إلى حيثُ يلعبُ هواؤكِ بالرؤوس
وتتكسرُ
نصالٌ
على المرّمر
أعزَّاءُ في أقوامنا
خبَّلنا السحرُ
أبيضَ ظافراً
وشعشعتنا زهرةُ الأفيونِ
فوَّاحةً في الشقِّ.
غبطةٌ تستندُ إلى المرفقِ
قريبونَ
ومائلونَ
نترُكَ أبخرةً على البلِّور
ونرى الأعظمَ.
هرقُ أعنابٍ في المضائقِ
العصارةُ
كثَّةٌ
تنثالُ
سبائبُ الذهبِ ترتعشُ،
طَفحَ الكيِّلُ
ومالتِ الرؤوس.
أشممنا رائحةَ تفّاحٍ
ونحنُ نصعدُ
أرأينا بُداةً بسيوفٍ قصيرةٍ
يشقّونَ طريقاً بين الأشجار
أسمعنا عبيداً يتحرَّرون بالأبواقِ
أمررنا بعشاقٍ يقودونَ لصوصاً إلى الكنزِ
أفزنا بكِ، مقتدرين،
بيضاءَ
من
غير
سوءٍ
بهجةَ عائدينَ من المعارجِ
إلى سُّررٍ دافئةٍ في البيوت؟
نص: أمجد ناصر
من ديوان: سُرَّ من رآكِ