ارم عود الثقاب – مهدي محسن

أدِرْ
ظهرَكَ
لكلّ شيءٍ
وامضِ
نحوَ النجمةِ
البعيدة.


أنزلْ
رأسَكَ
قليلاً،
دع المطرَ
يرتطمُ بكَ
دع الريحَ
تعبرُ
منك،
دعْهُما
يدفعانكَ
إلى الأمام.



ارْمِ عودَ الثقابِ
على العالمِ
وامضِ.


ما في الوراءِ يحترقُ
وما في الأمامِ
يولدُ.


امضِ
أنت الخفيفُ
الغامضُ
اللّا مرئيّ.


أنتَ
الملاكُ
الأسودُ
أو الشبحُ
الأبيضُ.


اللا مرئيُّ
اللا مُحدّد.


الماشي في الهواءِ
العابرُ في كلّ شيء.

امضِ،
اغمزْ للمرتطِمِ بالجدارِ
وقلْ له:
سنلتقي
هناكَ
بعدَ قليل.


ارمِ بعلامةِ النصرِ
للمحتضرِ
وشُد على
يدَيْه.


ناولْ سيجارةً
للساقطِ
من النافذة
قبّلْ دماغَهُ
قبلَ أن يتهشَّمَ
على الرخام.


أعِدْ يدَ الرضيعِ
عن عينِ النارِ
واقرصْ خدّهُ
أو
اركلْهُ
ناحيةَ أمّهِ
أو
ضعْهُ
في السرير.


سوفَ
يضحكُ
ويُناديكَ:
بابا.
فتتألّم
بسببهِ.


ربّتْ
على كتفِ
الجالسِ
خلف النافذةِ
وقل له:
لا بأسَ
أنا هُنا
تعالَ
معي.


امضِ
ولا تعُدْ من أجلِ أن
تطفئَ الغازَ
أو تغلقَ البابَ
أو تأخذَ المفاتيحَ
أو تسقي
النباتات.


ارمِ عودَ الثقابِ
على البيت.

إنّه ماضيكَ
هذا الذي يحترق.

امضِ
يا أخي
ولا تلتفتْ
إلى الأمامِ
ولا إلى الوراءِ
ولا تعُدْ.


لا يوجدُ
ما تعودُ
إليه.

لم يبقَ
ما يُشتاقُ إليهِ
هنا.


كلُّ ما تخلّفهُ
يرمدُ.


*نص: مهدي محسن
*من ديوان: تتدلى الرقاب

زر الذهاب إلى الأعلى