ملاكي
كنتُ قبلكِ عدمًا
تمثالًا بلا روح
حديقةً بلا شجر
تاريخًا قد اندثر،
وبركانًا قد انفجر
كنتُ سماءً بلا قمر
وكان قدومُك غيمةً
قبَّلت جفاف صحرائي،
فغدت ربيعًا من زهر
أريدكِ، لا تغيبي
فالوردُ يذبل إن غاب الساقي ..
ابقي، فإني أخشى أن أذبل في أعماق أحزاني
كيف لي أن أحتفظ بك؟
أن أظل بجانبك ؟ أن أنسى التاريخ و الأيام ولا أفكر بسواكِ ..
أن أعتزل الجميع لكي أعيش كعابدٍ في جنتك
جسدي منهك أصابه الإعياء
لم أعد الملك الذي يأمر و ينهى
لقد تغلبت عليَّ الحياة منذ رحلتِ
لقد تكالب عليَّ الأعداء ..
جسدي و نفسي لم يعودا طوع أمري
الأحلامُ أصبحت كوابيس تخنقُ أنفاسي
أستيقظُ لأشتمَ النوم الذي أنجبها
أشعرُ أني تجرعتُ السمَّ،
وأنَّ الثعابين قد تمكنت أخيرًا مني
أشعرُ بالاختناقِ،
كالغريقِ الذي يشعرُ بموته،
ولا يستطيعُ الصراخ
أو الصعود
أتراك تعلمين بعذابي؟
حينما عرفتكِ كنتِ صغيرةً،
وديعة كوردةٍ لم تتفتح أزهارها،
أردتُ أن أدنو منك و أصبحتُ قريبًا لكِ ..
أن أشاغبك كما يشاغب الآباء أبنائهم ..
أن أراكِ تنضجين، تكبرين، وتحلمين ..
أن أرى كيف تستحيلُ البذرة إلى وردةٍ تخطفُ الأفئدة والأبصار،
لقد اقتربتُ منكِ حتى هويت إلى حيث لا عودة..
أفتقدُ تلك الليالي ..
عودي إليَّ
أو سأرحلُ إلى عتمة الغياب،
يا ملاكي الغائب.
عودي، ألا تعلمين بأني تلقيت السهام جميعَها في صدري؟
ألا ترين بـأني لا أرى سوى ظلامٍ يحيطُ بي من كل جانب؟
غيابُكِ قبرٌ يضمني،
يدعوني للرحيل
واه لو أنكِ تعلمين
يا ملاكي ..
إني ظمآن فاسقيني،
إني مكلومٌ فاشفيني
إني مفقودٌ فأوجديني،
إني أحتضر فأحييني