هيئة الموت
الله يهبط من الأعالي
ويسأل عني عبر الجبال
فأفرّ …
لأنَّه يشبه شبح الموت
وبين الأشجار الصغيرة المتناثرة
أنطوي على فكرة وأتقلب ..
كأنَّ حية لدغتني
وحين أصحو مخموراً
وقد غدا شعري على كتفي
كمسيحٍ عاشق
أجد بقع أثرٍ لإله
مرَّ من هنا وسأل عني
فأغيم في فضاء من الترنح
وأحاول أن أقبض بتلك
الفكرة التي تعذبني
هل الموتُ إله
على هيئة راعٍ!
*من مجموعة: “طفل يتنزه في مقبرة”
لوحـة طبيعيـة
استرحْ إلى البحيرة
داعبْ الأوز ذا الخطوط الكثبانية
عانقْ نظرة الشجرة التي أسقطتْ
طائر الغرق
الطبيعةُ بكر أحياناً بالهندسة
وسادة لعين الحُلم
السماء انعكاس لصفاء البحيرة
أنجمها عُرف الطيور
رقراقة بمجد الأشجار في صلاة المغيب
البخور يتصاعد كما الذكريات
سعادة هشَّة بالنعيم
طائر يتدثر بجناحيه
عند رفرفة الزبد
السكون قلِق كقصيدة تَمَوّجِ النَفَسْ
المارة كأنَّما يجرون
وأنت تتود رضاب الطبيعة بمنقار الأوز
الأوز الذي يفكر في لحظة اللغة
أيدهشهُ هبوب النسيم على بتلات الأفكار
على الشجرة الخلفية المكتنزة
بكَرْم الشفة البُكم
إذ يحل الظلام ضيفاً على طاولة الكأس
الكأس المترنح بغدٍ
حين تهشّمَ القلب
بغصن خصلة في المهب
وسافر إلى موتٍ أشد
أيقظيني لحظة المغيب من هفوات الخُطى
زخرفي الأشجار بالتولّه
الماء بلون الحضن
الحضن بساقي طائر
يرسم لوحة الماء بماء القلب
أغوتكَ السحرة بالعُشبة
بعِليقة في سقيفة الدار
ببسكويت مرادف للطفولة
بقصيدة تجهلها
تتأملَ البحيرة كمُسجّاة الينبوع الأول
الطين ضمّخ يديك كما الفضيحة
اللُعب تهشمت
سريرٌ يتداعى بسكّير
سكّيرٌ يتداعى بسرير
في الزمان الأوّل
كنتَ كُنه الوجود
فراشة الضواحي
مجنون التراب عند المغيب
سجادة فرشتها أُمك للصلاة
أب يسيل لعابه كدعاء
من فرط صوت عبدالباسط عبدالصمد
كنت هناك ..
أين هناك..!؟
في صمغ سِدرةٍ في الريح
في قُبلة عند الدرج
سذاجة الريف تتماوج كما دُخان البحيرة
طلقة عائدة
لا تطأ العُشبة
أفعى تتلوى رائحتها عند المنام
تُصّعِدُ برقاً
وابلٌ من المطر الليلي
يعود بك وحيداً بكمشة
من شِعر الجن
متلفعاً بإنسي أقلق من القلق
ماضغاً نبتة الطفولة المُتورمة بالأقاصي
هناك..
أين هناك..!؟
وريحانة الحّناء أبعد
من نجمة تُناظر أختكَ الميتة
كلما حطتْ عليك فراشة
تبللتْ باليُتم
صرصرتْ كجُدجد
نقتْ كضفدعة مسمومة بخنجر
فُجعتْ كموسيقى
طفل غريب مُسجى على ورق الموز
مريضٌ بحُصبة الأمل.
*من مجموعة: “عودة عبديغوث من المرعى”
ها أنتِ ترقصين في الصورة
هذه ليست قصيدة حُب
يا لبؤس شاعر يجلس في حديقة
ويكتب قصيدة حب
غثيان فراشة على زهرة.
ها أنتِ تهبطينِ
مثلما يهبط الشعر
وأوجعني أن أراكِ
كرؤيا الأحلام
ضباباً في الفجر
غزالة طالعة من البرّية.
ها الرمح الذي شكّني على الدوام
صورة مُعلقة على جدار البيت
لنساء يرقُصن ….
تتأملني وأتأملكِ
هُنيهة وكدتُ أتعثر
هُنيهة وكدتُ أرقصُ في الصورة
هل رأيتِ الطفل الممراض بالحب
إلقِ نظرة حانية عليه
أمير نائم في الغابة.
في الرواق المؤدي إليكِ
كنتُ أكلمكِ همساً
ولم تسمعيني
كنتُ أحاذر الخطو
ولم تسمعيني
كنتِ في الصورة
وكنتُ أتأملكِ.
ومثلما يصنعُ طفل
أرجوحة في الهواء
كنتُ أصنعكِ
أيتها الصورة التي تغفو
أيتها القصيدة المريضة
أيها الحُب.. دخان غابة في الفجر.
متى أصيرُ ذرات حُب
كي لا تشربيني
شُرب فراشة من دمي.
*من مجموعة: “لا تشربي من دمي أيتها الفراشة”
*نصوص الشاعر العماني: عبديغوث