أودُّ أن تنطبق السماء المتقلِّبة
-بثقلها ووهنها- على نَفسي الكئيبة والباهتة
على نَفسي فريسة السأم والقهر الطويل
وتلفّني بذراعيها مثل أناكوندا غاضبة، وجائعة
وتصبّ عليَّ ليلاً قاتماً وشاحباً
لوعته أشدُّ من ليال الحزن فقيرة الأُنس
وعندما تصير الأرض علي مثل سجنٍ قديم
ويتراءى الأملُ حينها ألماً يطير
يهدّم الجدران بجناحيه الشائكتين
وتتداعى السقوف المُهترئة على جسدي.
وعندما يُسقِط المطرُ قطراته السَّامة
متشبّهاً بقضبان السجن القديم.
تفاجئني لحظتها صرخة نفسي
يبدو الأمر مثل أصوات أجراسٍ ثائِرة،
تُطلق عويلها نحو السماء..
كم هو مرعبٌ، وقبيحٌ عويل النفس
الضائِعة في سجن ذاتها
حينما تهِمّ بالنواح
تبدأ بعد ذلك موسيقى مهجورة
تجلب معها قلقاً متجبّراً
ولأنَّني أموت كلَّ يومٍ مرّات لا تُحصى
كانت تلك الموسيقى.. بُكاء الألم المقهور
وهو يحمل جنائزي..
أُنادي قبل أن أموت مرةً أخرى
أقول: تعال إليَّ
أيّها الرجل الحالِم، والهائِل
أريد أن تُبحر أصابعي المُرتجفة في كلِّ جَسدكَ
وأن أدفن رأسي المُثقَل في صدركَ
وأن أستنشق الأثر الدافئ لحُبّي قبل أن يُصبح شجرةً ذابلة
أريدُ أن أنام بعدها
أنامُ في نُعاسٍ أشهى من الموت!
وسأقبّلكَ ضعف ما تُقبّلني بلا ندمٍ أو كَلَل
آهٍ من جسدكَ الجميل
أتحسسُّ سمرته
وأدفن آلامي فيكَ وأسكّنها..
لا شيء عندي يُشبه جنَّة مضجعكَ
نسيان آلامي يَقطن حول فمكَ
ونهر النسيان الذي أرغب بارتشافهِ
يتدفقُ من قُبلاتكَ
وهأنذا أستسلمُ لقدري معكَ بهناء
كجنديٍ يعرف بأنَّه هالكٌ في الحربِ
وبأنَّه في البلاد محكومٌ عليه
ولكنَّه راضٍ بمصيرهِ.
*نص: عائشة العقيبي