*مقطع من قصيدة
(من كتابات الجنّ فيَّ):
ممحواً من سِجلِّ الطينِ وألواحِ الوصايا،
بارداً، وبعيداً، كاللغةِ المسماريةِ،
أشعر بالحزن الليلة.
حدسٌ غامضٌ يرتفع الآن من خرائبِ ما قبل
الوعيِ، دخانٌ أصفرُ يلتفُّ حول جبلٍ
تحت قمر طفولةٍ يطارد أعيناً يتيمةً،
أغنياتٌ متأخرة!
“قبابٌ من اللذات مشمسةٌ وكهفٌ من جليدٍ”
تفاصيلُ صوتي؟
إرادةٌ نصف منجزةٍ، مثل تمثالِ ذهبٍ لا وجه له، تغرقُ
الآن، مثل سفينةٍ من ذهبٍ
لا بحارة فيها، في الزبدِ المقمرِ لبحر تشابيهٍ
متكررةٍ ومتأخرة؟
تقفين على الباب في حلمي، أستدير إلى الداخلِ،
نحو مصيرٍ آخر، عجوزاً يتجهُ لغروبِ الأشياء،
ملوِّحاً بعصاهْ!
ألم نفترق، بعدُ، المغني وأغنيته؟
ألم نفترق، بعد…؟
أشعرُ بالحزن الليلةَ في هذه الغرفةِ الخشبية،
المخفية في أراضٍ منسية،
وفي مشاعر ذنبٍ وأحلام في سجونٍ مسروقة،
وأنا أحدق في عينيك (ذكرًى) فأرى لؤلؤة
خضراء من الموسيقى والغياب معروضة
لوجوه من جليد منحوتة،
وأنا أدّعي بأن الاستدارات الجديدةَ في الحظّ
والحمائمِ… لا حاجة لي بها،
أشعر بالحزن الليلة.
وتغريني أوديةٌ تلمعُ، من ذهبٍ أخضر
في ظهيرة صحراءٍ حمراء
فيها أفاعٍ من الرملِ الملونِ بالوردِ الأصفر،
تغريني… بالركض إلى خيولٍ مطرَّزة.
أحببتكِ، جداً، أيام كنتُ صدى…
آه، يا مدخلي،
فقط غزلانٌ خائفةٌ ذكَّرتني بعيونكِ الماضية.
ووجوهي من الجليد تحدّق الآن في القمر
كي تفسري لها لؤلؤة الموسيقى التي تذوب بين أصابعكِ
الشاردة
كبراءة عينيك السوداوين كدبَّيتين
فاذهبي،
فقط اذهبي، لركوبِ خيولٍ من الملح على
الساحل المُقمر،
ودعيني أبحث عن خيارٍ آخر:
لا أحتاجُ لأن أحتاج…
أحتاج لأن أُحَبّ.
*نص: حسين البرغوثي
*من ديوان (توجد ألفاظ أوحش من هذه).